يواصل الشعب الجنوبي خُطاه الثورية كعادته على أمل أن يكون القادم أكثرحزماً وتقارباً وأبلغ صدقاً بعيداً عما يحصل اليوم من ترهل سياسي كنتاجللتقدم البطيء والحقيقي على ارض الواقع،، فأقل ما يمكن عمله حالياً توحيدالصف و الاتفاق على إنتاج مشروع وحدوي جنوبي يكون بمثابة المسودة الدستوريةلتحدد نمط وكيفية إدارة البلاد في ظل القادم الذي قد يكون اشد وعورة إذالم نحسن التعامل معه . جنوب اليوم أمامه الكثير من العراقيل ، رغم أنه قدم العديد من الانجازاتوأهمها نشاطه الثوري اللذي اُشير له بالبنان والمتمثل بخروج مليونيات كبيرهتعبر عن موقفه السياسي حيال مايجري على ارض الجنوب… وإذا لاحظنا محصلةالحوار الوطني سنجدها سهلت العديد من الأمور وفي نفس الوقت أوجدت بعضالعراقيل ، وتجاوزها ليس بالأمر السهل ، وليس بالصعب أيضاً … ولكن يمكنتسميته بالسهل الممتنع ، ومن المؤكد أن آخر ورقة كانت بحوزة النظامالمتهالك هي الأقلمة ، والتي ظهرت كنتاج أخير لمخرجات حوارهم .. وعمليةتطبيقها على ارض الواقع سيكون أمر بالغ الصعوبة وذلك بفعل غياب الإمكانياتاللازمة منها المادية إضافة إلى غياب الأمن حتى وإن فرضت بعامل القوة فهيستظل مجرد لعبة سوف تأخذ وقتها وتنتهي ،، وأضف إلى ذلك الرفض الجنوبيالكبير المعترض لهذا القرار الذي يعتبر نتاج بديل لوحدة الأمس التي تمإلغائها بمصوغ قانوني ، ولهذا نلاحظ أن الأقاليم لن تستطيع الصمود طويلاًأمام ثورة الشعب بعد أن خلعت الوحدة ردائها وتقمصت ثوب الأقاليم الذي لنيلبث طويلا حتى ينخلع . ففي الوقت الذي كنا ومازلنا نُعول فيه كثيرا على الحركات الجنوبية فيالخارج بمختلف مسمياتها، فلا ننسى دورها السباق منذُ اندلاع الثورةالجنوبية ، لكن حالياً يبدو أن طول الوقت قد شكل بيئة خصبة للجدل وجعلالحضور الأقوى للذات وبفعل الإقصائيين ينموا الخلاف فيما بينهم ولا زلنانعاني من الاستحواذ القيادي كعدوى مزمنة لم تفتح مجال لوجوه جديدة في تصدرالمشهد وتجديد الخطاب السياسي وجعل الأولية في الرأي لأصحاب الخبراتوالمؤهلات … لان الخلافات قد نالت منهم ما نالت من القيادات وأصبح النشاطالثوري مجرد حديث مجالس للتنظير ومحتكراً لدى من يظنوا أنهم النخبة ,, وواجب الجميع كبير تحت راية الهدف المشترك الذي يجمعون عليه وهو استعادهالأرض الجنوبية كاملة السياده وتحقيق هذا الهدف وخروجه إلى النور يتطلبأرواح سامية ليس فقط لجمع المعونات والمساعدات بقدر أهمية الوقفاتوالتنديدات والخروج بمظاهرات مناصرة لما يجري في الداخل وحتى لا يفقد الشعبالجنوبي ثقته بمن كان يُعول عليهم من القيادات بمختلف أحجامها ونأمل أنيعودوا (تاج) على رؤوسنا .. لا غراب يطارد الدود في الأرض ** ويوم في الليليبكي الطلولا … واليوم بالفعل إذا عدنا لنحصي كوادر الجنوب لوجدنا أن من أجبرهم الوضع علىالهجرة واللجوء يمثلون العدد الأكبر ممن ظل على ارض الوطن ومقارنة بهمنلاحظ أنهم في حالة أمن واستقرار بخلاف ما يتعرضوا له أبناء الشعب فيالداخل فتلقى عليهم مسؤولية ثورية ، ومنها التحركات الدولية وإيصال مطالبالشعب للمنظمات الدولية والأممية هو أقل واجب عليهم . وإذا عدنا لأساس الخلاف بين اغلب قياداتنا لوجدنا أن الهوية الجهوية تمثلهاجس أرق الأغلبية ، وخلقت نوع من الصراع في أمر سابق لأوانه ، فالأصل فيالجنوب كما ينبغي أن يدرك الجميع هو الهوية التاريخية والمتمثلة ببدايةانطلاق جغرافيا الجزيرة العربية وهذه الأرض لا جدال فيها عربية أصيلةبطابعها الديني الإسلامي الحنيف الموحد اللذي اكسبها أهمية عبر التأريخبعيداً عن الطوائف الدينية المتعددة ولا تمثل فيها القبيلة أي خطراً علىمستقبل الدولة ولا يوجد فيها أي تطرف ديني وهذا ما يميز الجنوب عن الإخوةفي شمال اليمن . وعودة بالذاكرة الى الوراء إبان الاستعمار البريطاني سنجد أن تصارع الهويةالسياسية لم ترسوا على بر منذُ عام 1959م عندما فشل التوافق على إقامةإتحاد إمارات الجنوب العربي بسبب تخوف النخبة المدنية في عدن وفي نفس الوقتتخوف المشيخيات على وضعها ، وفي العام 1965م تم إقامة إتحاد الجنوب العربيورفضت مشيخيات حضرموت وسلطنة المهره الانضمام إليه ، ومن ثم قامت ما تعرفبالجبهة القومية والجبهة الوطنية لتحرير الجنوب آنذاك حين احتدم الصراع بينالقوى المناضلة بعد خروج الانجليز من عدن وكان للجبهة القومية اليد العلياحين سيطرت على الوضع ووجدت نفسها أحق بتسمية هذا المولود فعملوا على توحيدكل المشيخيات والسلطنات ودخلنا اليمننة في عام 1967م تحت مسمى جمهوريةاليمن الديمقراطية الشعبية ، وأضافوا الاشتراكين الديمقراطية مثلاللَّهاية..! التي وضعت في فم هذا الوليد الجنوبي فأشغلته من أن يرضع حنانأمه ومنعته كثيرا من الانفتاح على العالم في وقت كان أحوج إلى أن يعيشبفطرته كما كانت عليه دول المنطقة بعيداً من الذهاب إلى أحضان الروس ،الذين أمطروا علينا وابل من التهم من قبل دول المحيط وجعلوا النيل مناسهلاً لكثرة معارضيهم في ذاك العهد .. ولهذا كما نرى أن العودة إلى ما قبل مايو 1990م في حدود الجغرافيا والنظامهي الأفضل وفي وقتها سوف يجلس الجنوبيين جميعهم على طاولة واحده لحل جميعالإشكاليات بما فيها التسمية وتحديد الهوية السياسية ويسبق هذا اصطفافجنوبي من المهرة الى باب المندب لاستعادة الدولة بالمقام الأول بعيداً عنالخلافات والصراعات الشخصية حتى نعيد الكرامة لشعبنا الذي أصبح يعاني اليومكثيرا جراء ممارسات نظام صنعاء المتمثلة باستخدام العنف والقصف والقتلالممنهج من جانب والمكر والخداع من جانب آخر . إن ما يتطلبه الجنوب اليوم هو تحالف من نوع خاص ، فمن غير المنطقي أن يُتركبلد يتوسط منفذين بحريين من أهم منافذ الملاحة الدولية دون الوصايةوالتحالف الإقليمي والدولي ، ولهذا سنطل رهن سياسة لي الذراع وتركيع الجباه، مادمنا نستخدم لغة الصمت والتحوصل في محيط أرضنا دون الاستعانة بالشركاءالدوليين اللذين تهمهم المصالح السياسية والاقتصادية ، فالمهرجاناتوالمظاهرات وحدها لا تكفي لاستعاده وطننا إذا ما تلتها إبرام صفقات وعلاقاتدوليه ، أصبح وطننا اليوم نعيش عليه وهو مفرغ من جميع مظاهر الحياة ثروتهتنهب وأبناءه يقتلون لهذا شكل جرح عميق في أجسادنا ، وما ذهب علينا في ليالغامضة كشفتها الايام أنها صفقات دولية ، لن يعود إلا بصفقات أكبر منها.