الكاتبة رحمة مهدي

رحمة مهدي تكتب: أتلعثم أمام عينيك

في اللغة ثمانية وعشرون حرفًا وخمسُ حركات تمكنتُ من صياغتها في وصف الحزن والغِبطة، والذعر والأناة، الهجر والوصل، في لوعة على الماضي وتلهف إلى المستقبل، في وصف الزهد والشغف، في العلة والتعافي، الألِم والأمل، البأس والوهن، سنين الرزق وسنين العِجاف.
في وصف غرارة من الأشياء ونقيضها، وجسّدتُ السماء علي الحروف وغازلتُ نجومها، ونال الليل من كلماتي ونال البحر من وصفي، وغرفتي مكتظة بِكتابات عن الأهل والجيران وأصدقاء الطفولة والغرباء الذين آلفهم قلبي- ابتداءً من رب أسرتنا ومرورًا بِبائعة الفجل ذات العينين الخضراوين جميلة الروح والمظهر التي قابلتها بمحض الصدفة ولم أنسها إلي اليوم، والسائق الزاهد أب الخمس إناث الذي ظلّ طيلة الطريق يتحدث عن الفضل والحب مرددًا فيض من كلمات الشعراوي التي ما ماثلتها كلمات ولا شابهتها حروف- السائق الباسم والمثقف، سهرتُ ليلتها اكتب عنه وشعرت وكأن الحروف مبتهجة تود لو تكتب عنه عمرا، وحافلة خزانتي بخطابات لم ولن تُرسَل، وزاخرة أوراقي بحروف عن الأوطان والمدن وسببت الحروب ذات مرة فكانت حروفي ثائرة وحركاتها من شدة الغضب ما انضبطت، أما الورود فكان لها من النسيب حظوة فغازلتها حروفي مددًا بمختلف الوانها وشتيت روائحها، وطفلة تسكن بالجوار يتذكرها قلبي بين حين وحين، كلما جالت في خاطري بسمتها قويت حروفي بلاغة وازدادت الكلمات ابتهاجا وغزلا بِلباقتها واطلالتها وجمال عيونها وذوقها، شتّان بينها وبين بقيتهن.
الكاتبة رحمة مهدي
أهي طفلة بِعقل عشرينية أم عشرينية بِقلب طفلة، يهواها الشعر فتنطلق الحروف من بين شفتيها كما لو أنها درر، وزارت حروفي زميلة الدراسة التي طالما كانت تأبي أن نناديها باسمها منفردًا واشترطت أن يكون مقترنا باسم والدها وعندما سُئلت عن السبب أجابت: أخاف أن يبتعد عني حتى في النداء ، أشعر باطمئنان واسمي مقرون باسمه “.. فكتبتُ دقائق عنها ما تليق بها الارض، تشعر وكأنها ملاك سقط من السماء وجاء هنا بِمحض الخطأ، تمتلك القدرة علي إضحاك الجميع ورسم البسمات حتي علي أتعس الوجوه وأكثرها تقطيبا ووجوما، فوجهها يفيض سكينة وقلبها صالح لم يصبه ريب، هي بقعة من ارض سالمة وباقي البقاع خراب، هي قرية جميلة-في دولة محتلة- ما سلك الاحتلال إليها سبيلا، هي نجمة تتبع السائرين ليلا ومنارة في عتمة البحر تهدي من ضلّ من السفن”.. وصفتُ الاشجار والازهار، وصفت السماء والصيب، الصبا والشيب، ووصفت القريبين سكنا والبعيدين دارا، ومن يصلني به دم او نسب، ومن جمعنا درب فابتسم.. لسان وقلم تلعثمَ.. اذ فم الحبيب تبسمَ.

شاهد أيضاً

الحب الذى أغضب الملك فاروق…وتفاصيل الفنان الذى كان يزور معشوقتة فى منزلها

كان رشدي أباظة  يزور كاميليا في شقتها في عمارة «الإيموبيليا» وأصبح له مفتاحه الخاص، وأكدت …