أخبار عاجلة

محمد حمدى الحلوانى يكتب: فوضى التقسيط تهدد الأسر الفقيرة

بعيدا عن عالم السياسة الذى أرهق عقولنا من كثرة قضاياه التى يصعب معها الحلول فى ظل مناخ الأستقطاب الذى نعيشة اليوم، نطرح قضية أقتصادية هامة تبحث عن حلول لأضرارها الكثيرة على الحياة الاجتماعية.

فكلنا يعلم أن الاقتصاد المصرى منذ زمن بعيد وهو مصاب بالعديد من التشوهات التى جعلتة عاجزًا عن القيام بدورة التنموى فى الحياة المصرية، وهناك أسباب عديدة لذلك كثيرًا ما سلط عليها الأضواء ووضعت لها الحلول الا أن الحكومات المصرية ما قبل الثورة وبعدها لا تريد سوى السماع لصوتها الذى ينعق بما لا يسمع وقضية اليوم هى البيع بالتقسيط، فمن المفترض أن الهدف من هذا البيع هو مساعدة الأسر الفقيرة والمتوسطة فى الحصول على احتياجاتها من السلع التى لا تستطيع سداد ثمنها بالكامل نقدًا، وهذا يحتاج إلى مواطنين يتمتعون بالرشد الاقتصادى.

وللأسف الشديد ثقافة المصريين يغلب عليها الطابع الاستهلاكى والرفاهية غير المبررة، وهذا يدفعهم إلى قبول أى إضافة يضعها التاجر فوق السعر العادل لثمن السلعة الحقيقى، والتى قد تصل إلى 200% وأكثر مستغل بذلك شهية المصريين ورغبتهم فى الشراء بسفة مما أدى إلى خروج هذا النظام عن الهدف النبيل المراد منه، ليصبح بمثابة سيف مسلط على رقاب من يستخدمة حيث يفاجئ المستهلك الذى استهان بالمقدم البسيط بأنه أرهق نفسه بسيل من الأقساط التى لا تتحملها دخول الأسر المصرية، لأنها دخول هزيلة ولا تناسب مع متطلبات الحياة الأساسية، فما بالنا حينما تضاف عليها أعباء أخرى فى صورة أقساط متعددة للسيارة والتليفزيون والتكييف والمحمول الخ، فالطبيعى هو شعور الإنسان بالسخط على حياتة والمعاناة من معيشتة.

ويأخد البيع بالتقسيط أشكالا عديدة نجد فى ظاهرها الرحمة وفى باطنها العذاب الشديد فهو يظهر فى صورة مشروعة ولكنها تمثل ربا مستتر وعد الله عز وجل ورسولة صاحبة بالحرب علية ومن الصور القبيحة والتى نذكرها كمثال لهذا النوع من البيع والمنتشرة بكثرة خاصة فى الريف لجوء الأسر المصرية للتقسيط عند قيامها بتجهيز الأدوات المنزلية المفروضة عليها بحكم العادات والتقاليد لأبنتها العروس، وذلك بسبب المغالاة فى تكاليف الزواج ولنا أن نتخيل أسرة مصرية فقيرة تعانى من محدودية الدخل ولديها ثلاث بنات على وشك الزواج.

فبالرغم من أن تلك الأسرة لا تمتلك ما يكفيها للعيش بكرامة إلا أنها لا تتخلى عن واجباتها تجاها ابنتها العروس حين يتم خطبتها فلا تجد هذة الأسرة وسيلة لتجهيز ابنتها سوى بشراء ما يلزمها بالتقسيط حتى ولو كان ذلك بأثمان مغالى فيها بدرجة كبيرة تجاوز حدود ما هو مسموح بة أخلاقيا فى ظل اقتصاد السوق الحر، الذى يرتكز على سلوكيات بشرية أساسها الجشع والطمع والاستغلال وفى هذة الصورة يقبل التاجر بالحصول على مقدم بسيط مقابل حصولة على مكسب كبير جدًا من التقسيط ويضمن التاجر حقة فى ثمن البضاعة بأجبار المدين وزوجتة وضامن بتوقيع شكيات على بياض بقيمة الأقساط الشهرية وفى حال سداد قيمة كل قسط يتم اعطاء المدين الإيصال، وفى حالة عدم السداد يضاف فوائد على المبلغ المقسط لتزداد الأعباء لدرجة لا يستطيع معها المدين السداد ليجد نفسة محاصرًا بالديون التى تفقدة القدرة على التصرف مما يضطرة ذلك أما اللجوء إلى وسيلة أكثر قبحا تسمى أصطلاحا الحرق وهى بمثابة بيع لسلعة بأقل من ثمنها من أجل الحصول على أموال نقدا تمكنة من السداد مما يزيد من أعبائة بدلا من التخفيف منها أو أن يقوم بيع منزلة خشية السجن والفضحية أو أن يقوم أهل الخير بسداد تلك الديون مراعاة لظروف هذه الضحية.

ونفس السينايور يتكرر مع تلك الأسرة فى كل مرة يتم فيها خطبة أحد بناتها كل ذلك يحدث بسبب الفقر والحاجة تلك المأساة الاجتماعية تسبب خطورة على المواطن المصرى وأصبحت ناقوس خطر يهدد الاقتصاد للآثار السلبية الناتجة عنه، وأهمها تركيز الثروة فى أيدى قلة من التجار وغلاء الأسعار وزيادة الفقر فضلا عن إخلال التوازن وزيادة الفجوة ما بين الإنتاج والاستهلاك لصالح الاستهلاك فى دولة تعانى من محدودية الإنتاج.

كما أنه يؤدى إلى غياب العدالة الاجتماعية الخ كل ذلك نتجية غياب دور الدولة فى الرقابة على الأسواق والرقابة على الأسعار وعدم وجود تشريعات منظمة لكبح جماح التجار أصحاب النفوس الضعيفة التى تسرق أموال المواطنين البسطاء فى غيبة من الدولة وهنا وجب علينا التحذير من خطر الاغراق فى البيع والشراء بهذا النظام دون تنظيمة بآليات تشريعية تحمى المشترى من الاستغلال ويضمن للتاجر السداد وعدم المماطلة، ويقلل من المنازعات القضائية فإذا كان نظام البيع بالتقسيط أحد الأساليب المتبعة لزيادة المبيعات فيجب استخدامه الاستخدام الصحيح وعدم المبالغة ومضاعفة الفائدة على السلع المباعة بهذة الصورة الفجة.

وهذا يستلزم وضع حد أقصى لتلك الفوائد للتيسير على المواطنين تحقيقا للغاية النبيلة المنشودة من هذا البيع، فضلا عن ضرورة وجود تشريعات رادعة تحارب كل من أراد أن ينتهك حرمات المصريين بالجشع والطمع.

 

شاهد أيضاً

تخفيض أسعار الأعلاف: الإفراج عن 121 ألف طن من الذرة وفول الصويا بقيمة 60 مليون دولار في إطار مبادرة الحكومة

أكد السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضي  أن الافراج  عن مستلزمات الاعلاف متواصل بالتنسيق مع البنك …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *