يحيى اليعقوبي الكاتب الفلسطيني يكتب: غزة تخاطب الإنسانية

مع ظلمة الليل وظلمة الحصار يواجه قطاع غزة كارثة إنسانية واقتصادية واجتماعية حقيقة ستحدث شللا كبيرا في مختلف مجالات ومرافق الحياة فيه، مما ينذر بعواقب وخيمة لا يمكن توقع نتائجها. ويحاول الاحتلال الإسرائيلي خلق حالة من الاحتقان الداخلي داخل قطاع غزة لزيادة الضغط على الفلسطينيين في غزة وتوظيفه لأغراض سياسية، من باب بالضغط على حكومة غزة وإفشال مشروع الإسلام السياسي بأنه لا يصلح لحكم البلاد. فلا شك بأن مجمل مجالات الحياة تعطلت في القطاع نتيجة تشديد الحصار وخاصة بعدم هدم الأنفاق الحدودية من قبل الجيش المصري، عقب أحداث 30 يونيو في مصر، وقطع شريان الحياة الوحيد لأهالي القطاع المحاصر، فهدم الأنفاق أحدث زلزالاً قويا هز القطاع المحاصر من جنوبه وشمال وغربه وشرقه. فارتفعت البطالة لنحو 45% ووصل عدد المعطلين عن العمل في قطاع العمال فقط لقرابة 150 ألف عامل، وتعرض قطاع الصحة لكارثة كبيرة فلا تستطيع المستشفيات والعيادات تقديم أبسط الخدمات للمرضى، وكذلك لم يتمكن مئات المرضى من السفر لتلقي العلاج في الخارج، وانخفاض مستودع ومخزون الأدوية لنسب كبيرة وتهدد 120 صنفا بالنفاذ، وهناك ضربة كبيرة لمجمل القطاع الخاص ووصوله إلى مستويات من التدهور لا يمكن حصرها لكثرتها. ولا يخفى على أحد بأن محطة توليد الكهرباء معرضة للتوقف في أي وقت، فضلا عن تفاقم أزمة النقل والمواصلات، وإغلاق 97% من الشركات والمصانع في غزة، وجدولة العمل في ظل أزمة الكهرباء، وهدم الأنفاق دون وجود بدائل. كما أن الأوضاع الاقتصادية في غزة تأثرت بشكل كبير مما أدى إلى عدم القدرة على دفع رواتب الموظفين وبالتالي انخفاض القدرة الشرائية في النهاية ضعف الإقبال على المنتج والمصانع المحلية التي تعرضت لخسائر كبيرة. فالبقاء على معبر كرم أبو سالم هو فقط للدعاية العالمية بأن الاحتلال لا يحرم القطاع من كل شيء، لكن الحقيقة أنه يمنع عنه كل شيء، سوى أنه يدخل المواد الخام للمشاريع الدولية ويستغلها في الترويج الإعلام الدولي بأنه يغيث القطاع من حين إلى آخر. لقد استفاد الاحتلال من قيام الجيش المصري بهدم الأنفاق ومنع كل شيء على غزة، حتى يبرهن للعالم بأن مصر هي وحدها التي تحاصر غزة، ويدعي كذبا بأنه يفتح معبر كرم أبو سالم أمام البضائع ليظهر صورة حسنة عن نفسه أمام العالم ويعكس صورة سلبية عن مصر. إن الفعاليات والأنشطة والوقفات الاحتجاجية المختلفة في قطاع غزة وصلت إلى ذروتها خلال الفترة الأخيرة مما يعكس صعوبة الوضع والحاجة الماسة لإنهاء حصار طال كل شيء فأنين الحصار ما زال مستمرا يرسم مآسي ثمان سنوات مضت من عمر حصار ظالم. فخاطبت البراءة في غزة إنسانية العالم وضمائرهم، لكن يبدو أن الإنسانية ممنوع الشعور بها تجاه أهالي القطاع حتى تترك غزة تواجه مصير الموت وحدها. ربما لا يتخيل المرء أن توجد مساحة على وجه الأرض مغلقة من كافة الجوانب يمنع عنها كل شيء، تحيط به سياج الموت معزولة عن العالم، من بداخله لا يستطيعون السفر لهدف واحد وهو تجفيف منابع الدخل الاقتصادي والمالي لغزة. وأمام هذا الوضع الخطير فهذا كله يحدث أمام مرأى ومسمع من العالم الدولي دون أن يحرك ساكنا لنصرة أهالي القطاع المحاصرين، مما جعل الاحتلال يستفرد بقطاع غزة وينفذ مخططات في تشديد الحصار واستغلاق خلق الأزمات الاقتصادية والاجتماعية لإغراضه البشعة. واستمرار الصمت العربي عن طفل يئن جوعا أو شيخ لا يستطيع علاج نفسه او تلك المرأة التي تبكي من آلام ومآسي كثيرة تستصرخ ضمائر الأمة العربية دون استجابة تنادي عن المعتصم فيناديها مناد أن المعتصم قد مات، فهل ماتت ضمائر الأمة أمام هذا الوضع. إن هذا الوضع يعكس حجم التواطؤ العربي في نصرة أهالي القطاع إلى حد يشارك البعض في تشديد الحصار عليها وخنقها إلى درجة لم يفعلها الاحتلال نفسه، حتى أن الاحتلال تفاجئ بذلك. فبعد أن شلت جميع مرافق الحياة في القطاع المحاصر هو بمثابة الموت المنتظر لغزة، رغم أن جرعة إنقاذها هي بيد الشقيقة مصر، خاصة مع حلول القمة العربية خلال شهر مارس الجاري، فأين أنت يا مصر؟ لماذا تتركين غزة تموت؟ أين شهامة أبطالك؟ أسئلة كثيرة يطرحها الفلسطينيون ينتظرون الإجابة العملية على أرض الواقع بحكم الارتباط التاريخي

شاهد أيضاً

الحب الذى أغضب الملك فاروق…وتفاصيل الفنان الذى كان يزور معشوقتة فى منزلها

كان رشدي أباظة  يزور كاميليا في شقتها في عمارة «الإيموبيليا» وأصبح له مفتاحه الخاص، وأكدت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *