التواجد الامريكي في جنوب اليمن.. (الحلقة الأولى)

كتب/ رائد الجحافي
لم تكن القوات الأمريكية قد وصلت جنوب اليمن اليوم، بل يعود تواجدها وبالذات في خليج عدن إلى أكثر من ثلاثة عشر عاماً، وتحديداً إلى العام 2000م الذي شهد تفجير المدمرة الأمريكية (U.S.S COOL) في خليج عدن ووجه الاتهام للجماعات المتطرفة الارهابية، وبعد ساعات من تلك الحادثة اجتاح جنود البحرية الأمريكية مدينة عدن وطوقوا سواحلها ومينائها من كافة الجهات، وتعاملوا بعنف وغلاضة مع الجميع بمن فيهم المسئولين اليمنيين الذي طالتهم اهانات الجنود الأمريكيين، وفي غضون ساعات اضحت مدينة عدن ثكنة عسكرية امريكية ينتشر فيها جنود المارينز وافراد البوليس الامريكي، واتخذ خبراء التحقيق الفيدرالي من فندق “عدن موڤنبيك” مكاتب للتحقيق الذي بدأ مع المسئولين في البحرية اليمنية وكبار ضباط وزارة الداخلية اليمنية والمسئولين الأمنيين في مدينة عدن، لقد كانت الصورة التي تعامل بها الامريكيين مع كبار المسؤلين اليمنيين صورة مهينة إلى حد بعيد، وتحول الجميع بمن فيهم الرئيس اليمني صالح ووزير الداخلية اليمنية والكثير من كبار المسؤلين اليمنيين إلى متهمين يحاولون تبرئة انفسهم وتبرير حادث تفجير تلك المدمرة الذي أودى بحياة (17) بحاراً امريكيا.ً
بريطانيا في عز قوتها استعمرت الجنوب فماذا تفعل امريكا في قوتها اليوم..
اختلف الظرف والصورة التي تعاطى خلالها الحاكم بين قصتين متشابهتين إلى حد ما، فاذا نظرنا إلى احتلال عدن في تاريخ العام 1839م من قبل الامبراطورية البريطانية آنذاك وقصة التواجد الأمريكي اليوم في نفس المكان ولذات الأسباب والذرائع، لوجدنا تشابه كبير بين الحالتين فالاستعمار البريطاني الذي احتل العاصمة عدن واستعمر الجنوب لمدة 129 عاماً كان قد احتل عدن في بادى الأمر بذريعة تعرض بارجة بريطانية تدعى (داريادولت) لاعتداء من قبل سكان عدن بعد جنوح البارجة في سواحل عدن وكان ذلك قد حدث في العام 1839م عندما شنت قوات البحرية الانجليزية هجوماً على مدينة عدن ومن ثم اجتياحها بالقوة واستعمار الجنوب حتى العام 1967م، وفي تاريخ من العام 2000م تعرضت البارجة الأمريكية يو اس اس كول التي كانت راسية في ميناء عدن للتزود بالوقود لهجوم انتحاري اثار غضب واشنطن ومنذ ذلك اليوم فتحت لها موطئ قدم في عدن ومن ثم انتشرت في أكثر من مكان وتخطط لاقامة قواعد عسكرية لها في سقطرى وغيرها، فهل أصبح الجنوب يعيش تحت استعمار مزدوج تقف امريكا خلف صنعاء التي تحتل الجنوب وتقف في الواجهة؟؟.
البداية من تفجير المدمرة الأمريكية كول (USS COLE).
في 12 أكتوبر 2000 تم تنفيذ إحدى العمليات الأنتحارية على ناقلة عسكرية أمريكية بحرية (USS Cole) في ميناء عدن وكانت الناقلة راسية لغرض التزويد بالوقود ففي الساعة 11:18 قبل الظهر بتوقيت عدن اقترب قارب صغير من الناقلة واصطدم بها محدثا انفجارا خلف فتحة بطول 12 متر على جانب الناقلة وقتل 17 من الملاحين وتم إصابة 39 آخرين بجروح وتم فيما بعد اكتشاف أن منفذي العملية إبراهيم الثور وعبدالله المساواة كانوا أعضاء في منظمة القاعدة، بعد أكثر من سنتين وبالتحديد في 3 نوفمبر 2002 أطلقت عناصر من وكالة المخابرات الأمريكية النار على سيارة كانت تقل أبو علي الحارثي وأحمد حجازي على الأراضي اليمنية حيث اعتبرت الوكالة الاثنين من المخططين الرئيسيين للعملية، وبعد خمس سنوات قال الرئيس علي عبد الله صالح في 1 ديسمبر 2005 أن الولايات المتحدة الأمريكية، كانت تنوي احتلال مدينة عدن اليمنية، إثر استهداف مدمرتها “يو أس أس كول” الأمريكية ، الا انه تم منعها بالوسائل الدبلوماسية.
أماكن التواجد الأمريكي:
يتواجد غالبية الجنود الأمريكيين في قاعدة العند الجوية وهي احدى القواعد الجوية العسكرية الجنوبية التاريخية وتقع في منطقة العند بمحافظة لحج (60 كيلومتر شمال العاصمة عدن).
كانت قاعدة العند تسمى بالقاعدة الأسطورية لقوتها وشدة تحصينها، وقد قام الاتحاد السوفيتي سابقاً ببنائها ضمن المساعدات العسكرية التي كان يقدمها للدول المؤيدة للنهج الاشتراكي وفي يوم 17 مايو 1994، خاضت القوات الشمالية والجنوبية، معارك عنيفة حول قاعدة العند الجوية، وتبادلا القصف المدفعي المكثف، وفي 19 مايو 1994م بعد اشتباكات عنيفة استمرت طوال يومي 18 و 19 مايو سقطت القاعدة الجوية جزئياً، وفي 25 مايو وبعد معركة دامت اربع ساعات سقطت قاعدة العند في أيدي قوات معسكر العمالقة، وبسقوطها انهارت معنويات الجيش الجنوبي، ليجري تحويل اسمها لاحقاً إلى معسكر(7يوليو).
كانت قاعدة العند منذ انشائها تشكل ابرز بنية عسكرية للجيش الجنوبي وتخضع في ادارتها لكادر عسكري مؤهل من ذوي الخبرات من الجنوبيين الذين تلقوا تدريبهم ودراستهم في الاتحاد السوفيتي، وتحوي بنية القاعدة مطار عسكري واسع ومؤهل ومخزن للطائرات الحربية، وشكلت مركز تدريب هام للكادر الجوي الجنوبي بالاضافة إلى معسكر للتدريب لكافة منتسبي القوات المسلحة الجنوبية، هذا وتحوي العديد من مخازن السلاح والآليات العسكرية التابعة للجيش الجنوبي.
اليوم أضحت قاعدة العند مركزاً أمريكياً وقاعدة تابعة لواشنطن حيث تشير بعض المصادر إلى وجود أكثر من خمسة ألف جندي امريكي في القاعدة التي تشهد منذ عدة سنوات استحداثات يقوم بها خبراء أمريكيين عملوا على توسعة المطار الذي أصبح مهبط للطائرات الأمريكية وورشة عمل عسكري سري لا تستطيع حتى السلطات اليمنية الاطلع عليه بالاضافة إلى انشاء ابراج مراقبة موجهة صوب مضيق باب المندب البحري.
كما تكررت زيارات مسؤلين وخبراء عسكريين امريكيين إلى جزيرة سقطرى وذلك لبحث امكانية اقامة قاعدة عسكرية أمريكية في الجزيرة، اذ تسعى واشنطن على الاستحواذ على الممر الدولي في مضيق باب المندب والهيمنة عليه هذا وتنتشر بوارجها على امتداد سواحل عدن وحضرموت وتشرف بشكل مباشر على خفر السواحل اليمني وتقوم بتدريب وتعيين المنتمين إلى خفر السواحل الذي يمارس مهام عمله باشراف من قبل خبراء عسكريين امريكيين.
وبلغ عدد الجنوبيين الذين قتلوا بهجمات الطائرات الأمريكية بدون طيار حوالي 125 معظمهم لا علاقة لهم بالارهاب ولا ينتمون إلى أي فكر متطرف أو معادٍ لواشنطن ومن تلك الاعتداءات ارتكاب الطائرات الأمريكية مجزرة المعجلة في 17 ديسمبر 2009م التي اودت بحياة الكثير من الأطفال والنساء والعجزة والمدنيين، منهم نحو 62 شهيداً من “آل الشعور” و “آل عنبور” و”آل حيدرة الكازمي”،ومن بين الضحايا سبعة واربعين من الاطفال والنساء.وذلك بالاضافة الى الحاق خسائر مادية كبيرة بممتلكات المواطنين والثروة الحيوانية.

شاهد أيضاً

جلسات ماستر كلاس تسلط الضوء على استراتيجيات منصات التواصل العالمية لدعم الشباب الإعلاميين

شهدت فعاليات المنتدى الإعلامي للشباب في دورته الأولى الذي نظمه نادي دبي للصحافة أمس، جلستين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *